الرحلة تكون كعين الجغرافيا, تُفتح لنا لوحة جديدة من التجارب والاكتشافات. تجتمع في أدب الرحلات جماليات الوصف بتأثير الاغتراب, فالرحالة يحكي لنا ليس فقط عن المناظر الطبيعية والثقافات التي يصادفها, بل عن تأثيرها الفعّال على وجدانه الشخصي. يظهر الأدب العربي والإسلامي قوة خاصة في هذا النوع, حيث تألق رواد الرحلات مثل المسعودي والمقدسي والإدريسي الأندلسي وابن الجبير وابن بطوطة, ملوِّنين لنا صورًا حية لحياتهم وتفاصيل الشعوب والقبائل التي اندلعت فيها رغبتهم في الاستكشاف. يُعتبر كتاب ‘رحلة إلى الحجاز’ لإبراهيم عبد القادر المازني تجسيدًا للاستمرارية التاريخية لهذا الأسلوب في الأدب العربي الحديث.
عن المؤلف
إبراهيم عبد القادر المازني, الشاعر والروائي والناقد والكاتب المصري, يتألق كواحد من رواد النهضة الأدبية العربية في العصر الحديث. وُلد في القاهرة عام 1890, وترجع أصوله إلى قرية ‘كوم مازن’ بالمنوفية. بعد تخرجه من مدرسة المعلمين في عام 1909, انخرط في الصحافة, عمل في عدة صحف بارزة, وشارك في تأسيس ‘مدرسة الديوان’ مع عباس العقاد وعبد الرحمن شكري, مقدمة مفاهيم جديدة. كتب الشعر في بداية حياته الأدبية ولكنه اتجه للكتابة النثرية مقدمًا مقالات وقصصًا وروايات. كان ناقدًا متميزًا ومترجمًا بارعًا, وتميز أسلوبه بالسخرية اللاذعة والفكاهة. تأثر بالمدرسة الإنجليزية في الأدب وقراءاته الواسعة في الفلسفة والأدب العربي والإنجليزي أكسبته عمقًا وسلاسة في الكتابة. رحل عنا في أغسطس 1949, تاركًا إرثًا أدبيًا غنيًا ومتنوعًا.