يصور فرح أنطون في هذه الرواية مشهدًا مؤثرًا من مسرح الحياة البشريَّة، حيث تتحول الدنيا إلى حلبة صراع بين القوي والضعيف، مظهراً المفارقة الأخلاقية التي تطبع العلاقات الإنسانية. تتضمن الرواية مبادئ وقيم سامية تتكشف عبر فصولها، منها أن المدنية والرقي لا يرتبطان بمكان معين بل هما فطرة إنسانية. يبرز الكاتب أن القروي قد يكون أرهف إحساسًا من المدني، ويثبت أن الحب الصادق يمكن أن يكون كهفًا روحيًا لصاحبه، قد يؤدي به إلى الجنون، كما حدث لمجنون ليلى. هذه الرواية تمثل لوحة فنية تجسد الصراع الإنساني والأخلاقي في الحياة، وتدعونا للتأمل في قيم الحب والإنسانية والمدنية.
عن المؤلف
فرح أنطون: صحافي وروائي ومسرحي وكاتب سياسي واجتماعي، ورائد من رواد حركة التنوير في العالم العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، اشتهر بدعوته للتسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين وكان اشتراكي التوجه، تأثر بأفكار المصلحين الأوروبيين مثل روسو وفولتير ورنيان ومونتسكيو، وكذلك بفلاسفة عرب ومسلمين كابن رشد وابن طفيل والغزالي وعمر الخيام. وُلد في طرابلس الشام عام 1874، والتحق بالمدرسة الابتدائية الأرثوذكسية ثم بمعهد كفتين حيث أتقن الفرنسية وتخرج منه عام 1890. هاجر إلى الإسكندرية عام 1897 وبدأ نشاطه الفكري والثقافي، وأصدر مجلات مثل «الجامعة» و«السيدات» التي أصدرها لأخته روز أنطون. كتاباته تعكس مفارقة فكرية إذ آمن بالتيار الإنساني الغربي الذي يرفض التمييز، ولكنه سعى لنشر النظريات الغربية في الشرق العربي باعتبارها حيادية، مما أثار تحفظات البعض. كان لأنطون إنتاج فكري غزير في الأدب والسياسة والاجتماع والفلسفة والمسرح والرواية، وتوفي في القاهرة عام 1922.