في قلب رواية ‘سيرانو دي بيرجراك’ للمنفلوطي، تُنسج قصة حب تتسم بالنبل والتضحية، حيث يعيش ‘سيرانو’ معضلة عاطفية تستلزم منه أقصى درجات الفداء. رغم حبه العميق لابنة عمه ‘روكسان’، يرتقي ‘سيرانو’ فوق إعاقاته الجسدية، معتقدًا أن شكله سيحول دون محبتها له. فيظل هذا الفارس النبيل يخفي مشاعره الحقيقية، ويختار الرفعة بتحويل حبه إلى دعم سري لعلاقة ‘روكسان’ بـ’كرستيان’. هذا الفعل من ‘سيرانو’ لا يُظهر فقط جلال الحب بل ويكشف عن بطولة تُضحياته. يكتشف القارئ مع نهاية مأساوية لـ’سيرانو’ على فراش الموت حقيقة أن الحب الحقيقي يكمن في العطاء اللامحدود والفناء في سبيل الحبيب، حتى وإن لم يُكافأ عليه.
عن المؤلف
مصطفى لطفي المنفلوطي، أديب ومؤلف مصري ولد عام 1876 في منفلوط بأسيوط، من عائلة عرفت بالعلم والتقوى. بدأ تعليمه في كتّاب القرية حيث حفظ القرآن في سن العاشرة، ثم تابع تعليمه في الأزهر لمدة عشر سنوات، وخلال هذه الفترة، تعمق في العلوم الدينية والعربية ووجد شغفًا خاصًا بالأدب. بعد وفاة معلمه محمد عبده، عاد المنفلوطي إلى بلدته حيث أمضى سنوات في دراسة التراث الأدبي والكلاسيكيات. اشتهر بأسلوبه الأدبي الفريد وتنوعت مؤلفاته بين النثر والشعر، ومن أشهر أعماله ‘النظرات’ و’العبرات’ التي مثلت قمة البلاغة في الأدب العربي الحديث. توفي في 1924، تاركًا إرثًا ثقافيًا وأدبيًا غنيًا.