انطلق مصطفى صادق الرافعي من ميدان الشعر، حيث كان يُعتبر أحد الأسماء المرموقة في هذا المجال، إلى عالم النثر والتأليف العلمي، مغامرًا بخطوة جريئة نحو توسيع أفقه الأدبي. هذا الكتاب، الذي نحن بصدده، يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرة الرافعي الأدبية، حيث تجاوز حدود الشعر إلى العمل التاريخي والنقدي العميق. يُثير الإعجاب كيف استطاع الرافعي، وهو لا يزال في الثلاثين من عمره، أن يُنجز عملًا يُعد اليوم أحد أهم المراجع في مجاله، مُظهرًا نضجًا فكريًا وحصافةً عادةً ما تُعزى للشيوخ. هذا الكتاب، الذي يجمع بين العمق التاريخي والدقة النقدية، يُظهر بجلاء مدى إتقان الرافعي لفنون الكتابة وقدرته على التنقيب في أعماق التاريخ وتحليله بأسلوب ينم عن فهم عميق للأدب والثقافة.
عن المؤلف
مصطفى صادق الرافعي، أديب وشاعر مصري بارز ولد في 1880 في قرية بهتيم، القليوبية. تأثر بأجواء عائلية ثقافية، حيث كان والده يستضيف أعلام العلم والأدب، مما مهد له بيئة غنية بالمعرفة. حفظ الرافعي القرآن في سن مبكرة وانتقل تدريجيًا في دراسته من دمنهور إلى المنصورة حيث أكمل الابتدائية. عوقه الصمم مما اضطره لمغادرة التعليم الرسمي، لكنه استثمر ذلك بالتعلم الذاتي من خلال مكتبة والده. عمل في عدة محاكم قبل أن يتفرغ للأدب، حيث أصدر ديوانه الأول في 1903. اكتسب شهرة واسعة بأعماله النثرية والدينية مثل ‘حديث القمر’ و’تحت راية القرآن’. انتقل إلى الرفيق الأعلى في 1937، تاركًا إرثًا أدبيًا غنيًا ومؤثرًا في الأدب العربي الحديث.