هَل يُمكِنُ لرِواياتٍ يَتبادلُها شَخْصانِ أنْ تُسهِمَ ذلِكَ الإسْهامَ العَظِيمَ في صُنعِ رِوايتِهِما الذاتيَّة؟ لِمَ لا؟! فلَقَدْ كانَتِ الرِّواياتُ الرُّومانسيَّةُ التي يُرسِلُها «حَسَن» إلَى «نَعِيمة» ويُحمِّلُها بشَفراتِ الحُبِّ السِّريَّةِ هِي طَرِيقتَه الوَحِيدةَ للتَّواصُلِ مَعَها، وذلِكَ بَعدَ أنْ سُدَّتْ جَمِيعُ سُبلِه إلَيْها باحْتِجابِها عَنْه — بحَسبِ التَّقالِيدِ التي كانَ مَعمُولًا بِها آنَذَاك — وَكانَ الشَّابُّ والفَتاةُ قَد أُولِعَ كلٌّ مِنهُما بالآخَرِ مُنذُ كانَا طِفلَيْن. ولَمَّا حالَتِ العَقباتُ الاجْتِماعيَّةُ والطَّبقيَّةُ بَينَ حَسَن ونَعِيمة — كَما هِي العَادةُ فِي قِصصِ الحُبِّ المُستحِيل — كانَ لا بُدَّ ﻟ «حَسَن» أنْ يَفعَلَ المُستحِيل؛ ليُثبِّتَ لِوالدَيْ «نَعِيمة» أنَّه جَدِيرٌ بِها، وأنَّ بِوُسعِ الثَّرَى أنْ يَرقَى لمَنزِلةِ الثُّريَّا، هَكَذا فِي سَردٍ مُغايِرٍ للسَّردِ الشَّعْبيِّ لسِيرةِ العَشِيقَينِ «حَسَن ونَعِيمة». لكِنْ مَنْ هُو الصَّدِيقُ المَجهُول؟ وكَيفَ سيَكُونُ تَدخُّلُه فِي أَحْداثِ الرِّوايةِ وتَداخُلُه المُعقَّدُ معَ شَخصِياتِها؟ وهَلْ ستَظلُّ النِّهايةُ هِي الأُخْرى مَجهُولة؟
عن المؤلف
نقولا حداد، الصحفي والعالم والشاعر، يُعد من رواد النهضة العربية، وُلِد في بلدة جون بلبنان عام 1878م، حيث حصل على تعليم متنوع في مدرسة صيدا الأمريكية، وبدأ مسيرته الأكاديمية بدراسة الصيدلة وحصوله على شهادتها عام 1902م. تأثر بفكر التنوير والثورة الفرنسية، وعمل بنشاط كمحرر في عدة صحف مصرية بارزة مثل الأهرام والمحروسة، وساهم في تأسيس جريدة المحبة المدرسية في صيدا والحكمة المدرسية في بيروت. يُعتبر حداد من الكتّاب البارزين بإنتاجه الأدبي الغني الذي شمل الروايات والمسرحيات والمؤلفات الفلسفية والاجتماعية، ونُشرت قصائده في مجلة الضياء. سافر إلى أمريكا لفترة لإصدار جريدة الجامعة وعاد لمصر حيث أسس صيدلية وتابع عمله في التحرير الصحفي حتى وافته المنية عام 1954م، حيث تُذكر مساهماته الكبيرة في الفكر والأدب العربي.