يستكشف سلامة موسى في هذا الكتاب العواصف التاريخية التي هزت أركان العصور الوسطى الأوروبية، حيث يرصد بدقة كيف كانت المسيحية الكاثوليكية، بدعمها السياسي من الكنيسة والاقتصادي من النظام الإقطاعي، تشكل جوهر هذا العصر. يناقش موسى التحولات الجذرية التي أحدثتها الأزمات السياسية والاقتصادية، من انخراط الكنيسة في الصراعات السياسية مع الإمبراطورية وتنحيها عن دورها الروحي، إلى الانقسام الاقتصادي العميق بين النبلاء وعامة الشعب. يكشف الكتاب عن كيف أدت هذه الأزمات إلى ظهور الفكر الرأسمالي البرجوازي الذي قلب موازين القوى بإلغاء النظام الإقطاعي ودعمه لملكية وسائل الإنتاج في ظل الثورة الصناعية. وبينما تتجلى الدولة كوحدة سياسية جديدة، يلفت موسى الانتباه إلى التطور الأيديولوجي للرأسمالية، التي تحولت على مر العصور من ثورية إلى محافظة، وكيف أن الاشتراكية قدمت بديلاً ثورياً في مواجهة الاستغلال الرأسمالي. يعرض هذا الكتاب رؤية نقدية تبين تأثير المركزية الأوروبية في فكر النخبة في العالم الثالث، ويحفز القارئ على استكشاف كيف تؤثر الخبرات الحضارية الأوروبية في الهوية الثقافية.
عن المؤلف
سلامة موسى، مفكر وكاتب مصري رائد، وُلِدَ في عام 1887 بقرية بهنباي بالزقازيق. يُعد من أوائل المروجين للفكر الاشتراكي في مصر وداعياً للتغرب والانفتاح على الثقافة الغربية لتحقيق نهضة المجتمع المصري. درس في المدرسة التوفيقية والمدرسة الخديوية في القاهرة، وتابع تعليمه العالي في فرنسا وإنجلترا حيث اطلع على الفلسفات والعلوم الغربية. عُرف بتأثره بنظريات داروين وكتب عديدة في النقد الاجتماعي والديني، وتبنى بعض الأفكار العنصرية السائدة في ذلك الوقت. ألّف كتبًا أثارت جدلًا واسعًا وترك إرثًا فكريًا وأدبيًا معقدًا تراوح بين الإعجاب والانتقاد الشديد. توفي في عام 1958، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ الفكر المصري.