منذ الأزل، عاش الإنسان حالة من الاغتراب وعدم الانتماء إلى هذا العالم، مدركًا الفجوة العميقة بينه وبين كل ما يحيط به من موجودات، حتى وإن كان التشابه البيولوجي مع أرقى الأجناس الحيوانية قائمًا كما يزعم داروين. يستعرض الكتاب هذه الظاهرة الإنسانية المميزة، مشيرًا إلى الاختلافات النوعية التي تفصل الإنسان عن باقي الكائنات، ويناقش رفض الفكر المادي والتيارات الإلحادية لهذا الاعتقاد، معتبرينه خرافة. يتطرق الكتاب إلى فترة ازدهار هذه الأفكار في الغرب مع نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، بسبب الانحسار الروحي الناتج عن فساد الكنيسة والنجاحات الكبرى في العلوم الطبيعية التي قادت إلى ظهور القول المشهور ‘الإله قد مات’ لنيتشه. ومع ذلك، تبرز الكتابات الحديثة لعلماء وفلاسفة ما بعد الحداثة التي تتحدث عن أزمة المعنى وتزايد المجهول مقارنةً بالمعلوم، مما يدل على أن الاكتشافات العلمية لم تستطع أن تملأ الفراغ الروحي الذي يشعر به الإنسان.
عن المؤلف
سلامة موسى، مفكر وكاتب مصري رائد، وُلِدَ في عام 1887 بقرية بهنباي بالزقازيق. يُعد من أوائل المروجين للفكر الاشتراكي في مصر وداعياً للتغرب والانفتاح على الثقافة الغربية لتحقيق نهضة المجتمع المصري. درس في المدرسة التوفيقية والمدرسة الخديوية في القاهرة، وتابع تعليمه العالي في فرنسا وإنجلترا حيث اطلع على الفلسفات والعلوم الغربية. عُرف بتأثره بنظريات داروين وكتب عديدة في النقد الاجتماعي والديني، وتبنى بعض الأفكار العنصرية السائدة في ذلك الوقت. ألّف كتبًا أثارت جدلًا واسعًا وترك إرثًا فكريًا وأدبيًا معقدًا تراوح بين الإعجاب والانتقاد الشديد. توفي في عام 1958، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ الفكر المصري.