التربية والمجتمع هما كالجسد والروح وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن يفترقا، فهما متلازمان في جوهرهما، لا قيام لأحدهما دون الآخر. فالتربية تشكل نبض الحياة في أي مجتمع، إذ تُعد وسيلته للبقاء والاستمرار، بل أكثر من ذلك فهي المفتاح للتقدم والرقي والتحضر. إن المجتمعات التي وعت هذه الحقيقة، خصصت جهودها ومواردها المادية والبشرية المدربة بدقة وإتقان لرعاية التربية وتطويرها، مدركة أن الاستثمار في الإنسان هو أعظم أنواع الاستثمار. وهذه المجتمعات المتقدمة بمؤسساتها التعليمية ومناهجها التربوية المتطورة قد سبقت غيرها في هذا المضمار، فأولته العناية الفائقة والاهتمام المستمر. وفي المقابل، نجد أن مجتمعنا العربي اليوم، في ظل المستجدات الجارفة من سيول العلم والتقنيات الحديثة التي تفيض بها أرجاء العالم يوميًا، يواجه تحديات ضخمة. هذه التحديات تفرض علينا اهتمامًا بالغًا بالتربية وتفعيل دورها بكل السبل المتاحة. فالعلاقة الوثيقة بين التربية والمجتمع لا يمكن تجاهلها، إذ إن التربية هي نتاج الحياة الاجتماعية، وهي الأداة التي تحقق من خلالها المجتمعات أهدافها في البقاء والنماء والازدهار.