يظهر بوضوح أن قضية تحسين التعليم وجعله يتناسب مع روح العصر وتحدياته كانت دائمًا محور اهتمام المثقفين والفكراء في مصر على مر العقود. تم عقد مؤتمرات واسعة ضمت كبار رجال التعليم والنخب المثقفة، حيث تم استدراج خبراء التدريس من الخارج لمشاركة خبراتهم ونقل تجارب بلدانهم الناجحة وتطبيقها في واقع التعليم في مصر. ومع ذلك، يبرز الفكر الرائد لإسماعيل مظهر في هذا السياق، حيث يرى أن التعليم الجيد يتجلى في ارتباطه بثقافة الشعب، ويسعى لبناء فرد مستقل في الرأي والأخلاق والتفكير، متحدثًا عن ضرورة أن يكون النقاش في المسائل المحلية بيد أهل البلاد، الذين يمتلكون الفهم العميق لمشكلاتها ويستطيعون وضع سياسات تعليمية مرتبطة بثقافتها الخاصة وخصوصيتها، متجاوزين الالتباس الذي قد يتسبب فيه الاعتماد الكامل على النماذج الغربية.
Sobre el autor
إسماعيل مظهر، هو مفكر مصري ليبرالي وأحد أعلام النهضة العلمية والثقافية في مصر الحديثة. يعتبر رائدًا في ميدان الفكر والترجمة، حيث خصص اهتمامًا كبيرًا للفكر الديني والاجتماعي في مشروعه الفكري. وُلد في القاهرة في عام 1891 في أسرة ثرية ذات أصول تركية، وكان له أثر كبير في ميدان الهندسة. درس في المدرسة الناصرية واستكمل تعليمه في المدرسة الخديوية، حيث درس الأحياء وتعلم اللغة والأدب في الأزهر الشريف. انطلقت مسيرته الصحفية منذ صغره حيث أسس جريدة ‘الشعب’ عام 1909، وشارك في النضال السياسي مع الزعيم الوطني مصطفى كامل. اتسمت كتاباته في الصحف بطابع الحرية الذاتية والتجديد، ورفعت آراءه عالياً فوق الأهواء الشخصية. تولى رئاسة تحرير مجلة ‘المقتطف’، ورفعها إلى أوج سُلم المجد. قاد إسماعيل مظهر التحول في العالم العربي إلى منظرية النشوء والتطور عند داروين، ونادى بضرورة الإصلاح الاجتماعي، حيث رأى أن الحل يكمن في تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم ‘الوفد الجديد’. قدم مظهر مساهمات معرفية ثرة في عالم الثقافة، منها ‘وثبة الشرق’ التي كشف فيها عن السمات العقلية للشخصية التركية الحديثة، و’تاريخ الفكر العربي’، و’معضلات المدنية الحديثة’، و’مصر في قيصرية الإسكندر المقدوني’. انتقل إلى رحمة الله في الرابع من فبراير عام 1962.