يُعدّ كتاب ‘رسالة في اللاهوت والسياسة’ للفيلسوف الهولنديّ باروخ سبينوزا علامةً فارقةً في تاريخ الفكر الغربي، فهو ليس مجرد ‘رسالة’ بل هو زلزالٌ فكريٌّ هزّ أركانَ التفكير الدينيّ والسياسيّ في عصرِه، ولا يزال صداهُ يتردّدُ حتى يومنا هذا. ويكمن جوهر الكتاب في دعوة سبينوزا الجريئة إلى إعادة قراءة النّصوصِ الدينيةِ بعيدًا عن التّأويلات المُسبقة وَالتّعصّب الأعمى، مطالبًا بِتطبيق المنهج العقلانيّ الدّقيق لفهمِ ‘حقيقة الوحي’. و لا يَكتفي سبينوزا بِمُجرّد نقدِ التّفسيرات التّقليدية، بل يَذهب إلى أبعد من ذلك، مطرحًا رؤيةً جديدةً لِلعلاقة بين الدّين وَالعقل، وَالدّولة وَالمجتمع، مؤكدًا على أهمية الحرية الفردية والتّسامح. و يُقدّم المفكّر المصري الكبير ‘حسن حنفي’ في هذه الطبعة ترجمةً عربيةً رائعة لِهذا العمل الكلاسيكيّ، مُرفقةً بِمُقدّمةٍ ثريةٍ تُساعدُ القارئ العربيّ على فهم سياق الكتاب وَأهمّ أفكاره.
Tentang Penulis
يُعدّ باروخ سبينوزا، الفيلسوف الهولنديّ المولود عام 1632، أحد أهمّ رموز فلسفة التنوير في القرن السابع عشر. نشأ سبينوزا في أمستردام لِعائلةٍ يهوديةٍ من أصولٍ برتغالية، حيث تلقّى تعليمًا دينيًا مُبكّرًا قبل أن يَتوسّع اطّلاعهُ بِالفلسفةِ الغربية من خلالِ دراستِهِ للّغةِ اللاتينية. تميّز سبينوزا بِذكاءٍ نقديٍّ حادّ، جعلهُ يَختلف مع العديد من المعتقدات الدينيةِ السّائدة، الأمر الذي عرّضه لِـ ‘حِرمانِ الحقوق’ وَـ ‘حَظرِ الإقامة’ من قِبَلِ الطّائفةِ اليهودية. و على الرّغمِ من المُضايقات التي تعرّض لها، إنّ سبينوزا لم يتوقّف عن الكتابة والنّشر، مطرحًا في كتبهِ أفكارًا فلسفيةً جريئةً أَثّارت الكثيرَ من الجدل في عصرِه. فقد نشر سبينوزا ‘مبادئ فلسفةِ ديكارت’، وَ ‘رسالة في اللاهوتِ والسياسة’ (التي أخفى فيها اسمَهُ تَجنّبًا للإضطهاد)، وَكَتَب ‘علم الأخلاق’ الذي لم يُنشر إلّا بعد وفاتهِ عام 1677 خوفًا من ردّةِ فعلِ معارضيه.