في عمق هذا الكتاب، يتجلى إبداع الكاتب حيث يُحلِّق بقارئه إلى فضاءات لقاء رومانسي مع القمر، مستوحى من هوىً دفين لفتاة لبنانية أثارت خياله. يُحاور الكاتب القمر بلغة العاشقين، مستخدمًا الليل والنجوم كخلفية يرسم عليها صورة المحبوبة. يتخذ من القمر رمزًا للجمال الإلهي، ينقل من خلاله أسمى معاني البلاغة والإنشاء. يُعلِّم الكاتب طلابه كيفية صياغة الكلمات ببراعة فنية، مُبيِّنًا كيف يُمكن للغة أن تُصوِّر الجمال الخفي في الكون. يُوظِّف الكاتب هذا الحديث المميز مع القمر لتعليم فنون اللغة، حيث يُفنِّد في كلامه دلائل الإعجاز في الخلق، ويُظهِر كيف يُمكن للطالب أن يستلهم من جمال القمر الدروس الإنسانية والأخلاقية والدينية، مُعتبرًا القمر صديق الروح الذي تُفضي إليه بأسرارها وأحزانها في صمت الليل.
Circa l’autore
مصطفى صادق الرافعي، أديب وشاعر مصري بارز ولد في 1880 في قرية بهتيم، القليوبية. تأثر بأجواء عائلية ثقافية، حيث كان والده يستضيف أعلام العلم والأدب، مما مهد له بيئة غنية بالمعرفة. حفظ الرافعي القرآن في سن مبكرة وانتقل تدريجيًا في دراسته من دمنهور إلى المنصورة حيث أكمل الابتدائية. عوقه الصمم مما اضطره لمغادرة التعليم الرسمي، لكنه استثمر ذلك بالتعلم الذاتي من خلال مكتبة والده. عمل في عدة محاكم قبل أن يتفرغ للأدب، حيث أصدر ديوانه الأول في 1903. اكتسب شهرة واسعة بأعماله النثرية والدينية مثل ‘حديث القمر’ و’تحت راية القرآن’. انتقل إلى الرفيق الأعلى في 1937، تاركًا إرثًا أدبيًا غنيًا ومؤثرًا في الأدب العربي الحديث.