موسوعة مصر القديمة (الجزء الثالث) تفتح أمام القارئ أبوابًا جديدة نحو تاريخ الدولة الوسطى ومدنها وعلاقاتها الوطيدة مع السودان والأقطار الآسيوية والعربية. تشبه رحلة الباحث في تاريخ الحضارة المصرية القديمة رحلة السائح الذي يمر بمفازات متناثرة ووديان خلابة. يتبدى السائح في وجهه بريق الدهشة حينما يستمتع بنعمة عيون الواحات الجارفة التي تجذب بلورات المياه الصافية. ينطلق هذا السائح بثقة وإصرار عبر الرمال الذهبية والصحاري الخرّابة، حاملاً معه الأمل والعزم في رحلته. فقد يفاجأ ببضع تضاريس صعبة، تذكره بأن الحياة دومًا تتسم بتنوعها وتحدياتها. وعندما يستقر في واحدة من تلك الواحات الخصبة، يستعيد السائح قواه ويستمتع بالراحة والاسترخاء. إن هذه الرحلة تشبه تمامًا ما يخوضه المؤرخ في كتابة تاريخ الحضارة المصرية القديمة. إن المصادر الأصلية للمؤرخ تكون محدودة وغالبًا لا تترابط بشكل كافٍ. ولكنه بقوة الإرادة والتصميم يواصل البحث عن الأحداث والمعلومات التي لا تزال مخفية تحت تراب مصر.
Circa l’autore
سليم حسن، أحد أعلام المصريين في علم الآثار، قدّم العديد من الدراسات الرائدة في هذا المجال، منها عمله الأبرز ‘موسوعة مصر القديمة’ التي تتألف من ثمانية عشر جزءًا. حقق حسن العديد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة المحيطة بأهرامات الجيزة، ولذلك أطلق عليه لقب ‘عميد الأثريين المصريين’. وُلد سليم حسن في عام ١٨٩٣م بقرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وبالرغم من وفاة والده وهو صغير، إلا أن والدته أصرت على تعليمه ورعايته. درس في مدرسة المعلمين العليا وتخصص في علم الآثار، ثم سافر إلى فرنسا لمتابعة دراسته وحصل على شهادات ودبلومات عديدة في مجال علم الآثار واللغات الشرقية. عاد إلى مصر وبدأ أعمال التنقيب في منطقة الهرم، حيث اكتشف العديد من المقابر والقطع الأثرية الهامة. عُين وكيلاً عاماً لمصلحة الآثار المصرية، مما جعله أول مصري يتولى هذا المنصب ويكون مسؤولاً عن كل آثار البلاد. توفي سليم حسن في عام ١٩٦١م، حيث ترك إرثاً علمياً هاماً في مجال الآثار والتاريخ المصري القديم.