في يوم شتائي ماطر من العام ١٩٨٥ غادر كلٌّ من أمينة وفريد مسكنهما في حي بيضون في بيروت إلى منطقة عين الرمّانة القريبة قاصدين المعلّم برجيس، خبير أجهزة التسجيل الماهر. وحده برجيس قادر على إنقاذ ذلك الشريط القديم، آخر ما تبقّى لهما من بيت الجبل بعد التهجير. لو كانت أمينة على علمٍ بما ستُصادفه مع زوجها من أحداث غريبة في بناية المصلّح يومذاك، لامتنعت حتماً عن خوض غمار هذا المشوار. ولو لم يكن فريد متشبّثاً بالحفاظ على أصوات من فُقد من الأقارب والجيران في حمّى القتل والمذابح، لما صبر على ظلمة الدّرج المُخيفة، ظلمة دامسة تمحو وجوه اليوم ومن خلالها تنكشف أطياف من اختفى أثره قبل سنوات، حيًا كان أو ميتًا، آدميًا أو عفريتًا.
Mengenai Pengarang
مازن حيدر كاتب لبناني وباحث متخصِّص في التراث المعماري. له عدَّة أعمال بحثيَّة بالعربيَّة والفرنسيَّة عن عمارة بيروت السكنيَّة في القرن العشرين. صدر له عن دار الآداب «فورستبس داون» في العالم 2017، «الرجاء استبدال الأكاليل» روايته الثانية.