’جلس الشيخ بين مريديه شاردًا، مغمض العينين. قال بعضهم: الشيخ يسري إلى السماء ويعود. قال آخرون: إنه يخاطب كائنات من عالم آخر، لا يسمعها غيره. حين فتح هو عينيه قال لهم: أجاهد كل ليلة، لأستعيد لحنًا شجيًا، يسكن نفسي منذ سنوات بعيدة، لكنه يروغ مني’. 'كلما أنصَتَ إلى وجيب قلبه، سمع صرخات أبيه التي كانت تفزعه صغيرًا، وصرير القلم على ورقة الامتحان، وزعيق بوق عربة الشرطة، وضربة سوط سجان مكابر، وثغاء ماعز صغير انفرد به ذئب جائع في حقلهم ذات ليلة بعيدة، ونفضة يده التي تخرج خاوية من جيبه بعد نفاد راتبه الضئيل. مع هذا كان عليه أن يَطمئنَّ إلى نجاته من وعيد ما بعد الموت’. *** هذا كتاب سردي، يحوي مقامات صوفية جديدة، تجمع بين تجليات روحية، وأوضاع اجتماعية، وتأملات فلسفية، وأذواق أدبية، وأحوال نفسية، وطقوس دينية، وظروف سياسية. إنه نص عابر لأنواع الكتابة، لا يمكن تصنيفه على مستوى الشكل، لكن مضمونه يمكن وصفه، في سهولة، بأنه تعبير طبيعي عن شوق الإنسان إلى المحبة والحرية والعدل والسكينة، في مجتمع يتوحش.
O autorze
عمار علي حسن، روائي ومفكر صدرت له اثنتا عشرة رواية، وسبع مجموعات قصصية، وديوان شعر، وسيرة ذاتية سردية، ومتتاليتان قصصيتان، وقصة للأطفال، وسبعة وعشرون كتابًا في الثقافة والاجتماع السياسي والتصوف. تُعد حول أعماله الأدبية عشرون رسالة ماجستير ودكتوراه داخل مصر وخارجها، وكتبت عنها دراسات ومقالات نقدية عديدة، وترجمت بعض كتاباته إلى لغات عدة، وحصلت على جوائز رفيعة.