في أمة لا يشتكي فيها النقاد والمفكرين إلا من طغيان موجات الثناء والمدح، يظهر لنا مارون عبود وكأنه صوت من بين الصمت، يُطلق توجيهات النقد بحرفية وشجاعة، يكشف الأقنعة التي حجبت الحقائق وراء أساطير الثناء العارم. بينما يبحث الآخرون عن الرضا والشفاعة في عباءات الإطراء، يحمل عبود مقمع النقد ويحقق إزاءه تحليلات دقيقة. تلك الأفكار كالضباب الكثيف الذي يخفي الجمال، لكن بنظرة مؤمنة يتجلّى جمالها وتكون مقدسة، تعيش وتنمو بوجود النقد وتندمج معه. فهو يعتبر نفسه كتابوت العهد الذي يُصعِق من لمسه، وتلك الأفكار كالنوافذ المغلقة التي تبقي الرؤية محجوبة، حتى يأتي النقد ليفتحها ويدعوا للتفكير في شمس الحقيقة. كل هذا يتطلب منا كقراء أن نكون مستعدين لمواجهة التحديات والتفكير في أعماق الأفكار.
O autorze
مارون عبود: الشخصية الرائدة في النهضة الأدبية الحديثة في لبنان، هو كاتب صحفي وروائي ساخر وقصاص بارع وشاعر يتميز بحيائه. لم يقتصر إبداعه في ميدان الأدب، بل تجلى أيضًا كناقد أبهر نقاده بإجلالهم واحترامهم. يتألق كمؤرخ ومسرحي، ويعد من الزعماء في ميدان الفكر والفن في العصر الحديث. حاز مارون عبود على العديد من الأوسمة، منها وسام المعارف من الدرجة الأولى، ووسام الاستقلال من الدرجة الثانية. أثر بإيجابية في المكتبة العربية من خلال مؤلفاته الأدبية والشعرية والنقدية كـ 'نقدات عابر’، و’تذكار الصبا’، و’زوابع’. ودعته الحياة في عام ١٩٦٢م.