في القرن السابع عشر، شهد العالم العربي حالة من التراجع الواضح في المستوى العلمي والفكري. اللغة التركية سيطرت على دواوين الحكومات والمراسلات الرسمية، بينما تراجعت اللغة العربية وأصبحت الشعرى محدودًا في ثنايا الصناعة اللغوية. فامتلأت قصائدها بألفاظ فارغة وأسلوب متدني. وفي ذلك الوقت، دخل العقل العربي في متاهات الجهل والتخلف، حيث تم نسيان إرثه الثقافي من فلسفة الفارابي وابن رشد، وعلوم ابن حيان، والرازي، وشعر المتنبي وابن الرومي. ولكن برغم هذا الانحطاط، فإن نار الحضارة التي أضاءها الأجداد لا تزال مشتعلة في قلوب الناجين، حيث تمتاز بتواجدها في مدارس القرى والمساجد والكنائس. هناك، يعتني المعلمون وحملة الرسالة بنقل هذه الروح إلى الأجيال الجديدة، مستقيمين من مؤلفاتهم العلمية والفكرية. رجالٌ كـ مارون عبود، وعائشة التيمورية، وأحمد شدياق، وقاسم أمين، وغيرهم، ساروا على درب البحث عن المزيد من المعرفة في أروقة أوروبا، لينقلوها بعد ذلك إلى أبناء وطنهم، مزودين إياهم بكنوز الفكر ونظريات العلم الحديث. هكذا، تحرروا العقول وشنوا هجومًا عنيفًا على التخلف والتقليدية.
Sobre o autor
مارون عبود: الشخصية الرائدة في النهضة الأدبية الحديثة في لبنان، هو كاتب صحفي وروائي ساخر وقصاص بارع وشاعر يتميز بحيائه. لم يقتصر إبداعه في ميدان الأدب، بل تجلى أيضًا كناقد أبهر نقاده بإجلالهم واحترامهم. يتألق كمؤرخ ومسرحي، ويعد من الزعماء في ميدان الفكر والفن في العصر الحديث. حاز مارون عبود على العديد من الأوسمة، منها وسام المعارف من الدرجة الأولى، ووسام الاستقلال من الدرجة الثانية. أثر بإيجابية في المكتبة العربية من خلال مؤلفاته الأدبية والشعرية والنقدية كـ ‘نقدات عابر’، و’تذكار الصبا’، و’زوابع’. ودعته الحياة في عام ١٩٦٢م.