يقدم الكاتب في هذا الكتاب تحليلاً عميقاً لنظرية الملكية عند كارل ماركس، مُجسداً إياها في صورة ثلاث مدن تعكس مرآة النفس الإنسانية: مدينة المال، مدينة العلم، ومدينة الدين. من خلال تجواله في أروقة هذه المدن، يوضح الكاتب كيف أن مدينة المال تفتقر إلى السعادة الإنسانية رغم مظاهرها الأنيقة، بينما تحمل مدينة العلم بساطة في المظهر وعظمة في الجوهر. أما مدينة الدين، فتطوّع المال والعلم لمآربها تحت ثوب الزهد والتصوف. هذا الكتاب يقدم رؤية فلسفية عميقة لتداخل القيم الإنسانية مع مفاهيم المال والعلم والدين، مؤكداً أن الإيثار هو ما يبقي هذه المدن بينما تفنيها الأنانية والرغبة في الانفكاك من القيود.
Об авторе
فرح أنطون: صحافي وروائي ومسرحي وكاتب سياسي واجتماعي، ورائد من رواد حركة التنوير في العالم العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، اشتهر بدعوته للتسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين وكان اشتراكي التوجه، تأثر بأفكار المصلحين الأوروبيين مثل روسو وفولتير ورنيان ومونتسكيو، وكذلك بفلاسفة عرب ومسلمين كابن رشد وابن طفيل والغزالي وعمر الخيام. وُلد في طرابلس الشام عام 1874، والتحق بالمدرسة الابتدائية الأرثوذكسية ثم بمعهد كفتين حيث أتقن الفرنسية وتخرج منه عام 1890. هاجر إلى الإسكندرية عام 1897 وبدأ نشاطه الفكري والثقافي، وأصدر مجلات مثل «الجامعة» و«السيدات» التي أصدرها لأخته روز أنطون. كتاباته تعكس مفارقة فكرية إذ آمن بالتيار الإنساني الغربي الذي يرفض التمييز، ولكنه سعى لنشر النظريات الغربية في الشرق العربي باعتبارها حيادية، مما أثار تحفظات البعض. كان لأنطون إنتاج فكري غزير في الأدب والسياسة والاجتماع والفلسفة والمسرح والرواية، وتوفي في القاهرة عام 1922.