مصطلح التاو ليس اسمًا كبقية الأسماء؛ لأنه لا يدل على كينونةٍ محدَّدة، بل على حالةِ وجود. والكلمةُ في اللغة الصينية تعني الطريق، ولكن لاو تسو لا يرى في الطريق ذلك الدربَ الذي يصل بين مكانَين، وإنما الطريقة التي يَنشط بها المبدأ الكلي باعتباره الثابتَ الذي تنشأ عنه كلُّ حركة. فالطريقُ لا ينتقل من مكانٍ إلى آخَر، ولكنه يَقود الأشياء في حركتها. بالرغم من بزوغ الدِّين منذ فجر التاريخ بصفته قوةً مؤثِّرة في كثير من الحضارات القديمة مثل البابلية والمصرية القديمة، فإنه لم يكُن له وجودٌ في الحضارة الصينية؛ فقد حلَّت فيها الفلسفةُ محلَّ الدِّين، وأصبحت هي المنبعَ الثقافي والأخلاقي الأول الذي استقى منه الشعبُ الصيني قِيَمه وتعاليمه، وكانت «التاوية» و«الكونفوشية» أهمَّ فلسفتَين بين الفلسفات الصينية، فقد مثَّلتا معًا فرعَي الحكمة الصينية. وتُعَد «التاوية» أقدمَ الفلسفات الصينية، وقد وضَعها الفيلسوف الصيني «لاو تسو»، وتعني الطريقَ بالمعنى الشمولي، ومن أهم أفكارِها أنها لا ترى الكون خاضعًا في حركته لملكٍ سماوي، وإنما تعتمد وظائفُه بعضُها على بعضٍ وَفْق تلقائيةٍ طبيعية مغروسة في صميمه. ويُعَد «اليانغ» و«الين» من أشهرِ رموز «التاوية»، وهما يرمزان إلى الخير والشر، وعلاقةُ أحدهما بالآخَر علاقةُ تكامُل، لا علاقة صراع؛ فلا معنى لوجودِ أحدهما دونَ الآخَر.
Про автора
لاو تسي هو حكيم صيني يُعتبر مؤسس الفلسفة الطاوية، وقد عاش في الفترة ما بين القرن السادس والخامس قبل الميلاد. وُلِد في الصين القديمة وكان مسؤولًا عن إدارة الكتب والمحفوظات خلال فترة حكم أسرة ‘تشو’. يُعتقد أنه عاش حوالي ستين عامًا، رغم أن هناك بعض الآراء التي تشير إلى أنه عاش مئتي عام. بعد تدهور الأوضاع في البلاط الملكي، قرر لاو تسي مغادرة العاصمة لويانغ دون أن يعرف أحد وجهته. ترك وراءه مجموعة من المؤلفات التي تُعدّ مرجعًا فلسفيًا ودينيًا للشعب الصيني، ومن أبرز أعماله ‘تاو تي كنج’ و’الأخلاق’، والتي لا تزال تُدرس وتُتداول حتى اليوم. تتسم فلسفته بالعمق والروحانية، حيث تدعو إلى التوازن والانسجام بين الإنسان والطبيعة.