رسالة الغفران، إحدى روائع الأدب العربي الفلسفي، حيث ينسج أبو العلاء المعري بأسلوب ساخر ورؤى فلسفية عميقة قصة خيالية تجمع بين الجنة والنار، لتكون مسرحًا لحوار فلسفي مع شعراء وأدباء العرب. القصة تتضمن رحلة ابن القارح إلى الآخرة، حيث يلتقي بشعراء العرب ويقف على مصائرهم في الجنة أو النار وفقًا لأعمالهم الشعرية. في هذه الرسالة، يعرض المعري نقدًا لمفاهيم الدين والعلم والأخلاق، مستخدمًا خياله الواسع لتقديم كوميديا إلهية بأسلوب أدبي فريد. مع كل هذا، يظل الخط الفاصل بين الخيال والواقع حاضرًا، مما يجعل منطق الأحداث يبدو ملموسًا رغم الأثواب الخيالية التي يرتديها النص.
Giới thiệu về tác giả
أبو العلاء المعري: شاعر وفيلسوف وأديب عربي من العصر العباسي، اشتهر بآرائه وفلسفته المثيرة للجدل في زمانه. وُلِد «أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري» المعروف بأبي العلاء المعري عام 363 هـ في معرة النعمان بسوريا، وفقد بصره في صغره نتيجة إصابته بالجُدري. تلقى علوم القراءات القرآنية بإسناد عن الشيوخ، ودرس الحديث في سن مبكرة، وبدأ نظم الشعر وهو في الحادية عشرة من عمره. رحل إلى بغداد عام 398 هـ وأقام فيها لمدة سنة وسبعة أشهر، ثم اعتزل الناس لفترة من الزمن، فلقب بـ «رهين المحبسين»: العمى والدار. ينقسم شعره، الذي يعكس حكمته وفلسفته، إلى ثلاثة أقسام: «اللزوميات»، و«سقط الزند»، و«ضوء السقط». وقد تُرجمت الكثير من قصائده إلى لغات أخرى، أما كتبه فهي كثيرة، وفهرسها موجود في «معجم الأدباء». من بين تصانيفه كتاب «الأيك والغصون» في الأدب، الذي يتجاوز مائة جزء، و«تاج الحرة» في النساء وأخلاقهن، و«عبث الوليد» الذي شرح فيه ديوان البحتري ونقده، و«رسالة الملائكة» وهي صغيرة، و«رسالة الغفران»، و«الفصول والغيات». اعتنق مذهب البراهية وهاجم العقائد الدينية صراحة. كان نباتيًا، ويدعم حقوق الحيوان ويحرّم إيلامه، ولم يأكل اللحم لمدة خمس وأربعين سنة، وكان يرتدي الثياب الخشنة، مما جلب له الكثير من النقد، حتى تم تكفيره وإخراجه من الإسلام. دافع عنه عميد الأدب العربي «طه حسين» في عدة مؤلفات، أشهرها «مع أبي العلاء المعري». ظل حبيسًا في منزله حتى وفاته عام 449 هـ في معرة النعمان، وقد أوصى بأن يُكتب على قبره عبارة: «هذا جناه أبي علي، وما جنيت على أحد»، مشيرًا إلى أن زواج والده من والدته أوقعه في دار الدنيا. وقد تجمع حول قبره عدد كبير من أدباء عصره وشعرائه، ورثوه بثمانين مرثاة.