موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول) تعتبر كنزًا للمستكشفين في عوالم التاريخ والحضارة. تُشبه رحلة الباحث في تاريخ الحضارة المصرية القديمة رحلة السائح الذي يعبر مناطق بديعة ومدهشة، تتخللها وديان تنبع فيها ينابيع المياه العذبة. وهذه الوديان تمتد في أرجاء مفازة شاسعة، حيث يجد السائح نفسه يسير بين التضاريس المختلفة ويستمتع بجمالها وتنوعها. تكون الرحلة شاقة في بعض الأحيان، حيث لا يلتقي السائح إلا بالرمال القاحلة والصحاري الحارة. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، إلا أن السائح يستمر في رحلته، يحمل معه آخر آبار المياه التي استمد منها، يسير ميلًا تلو ميل عدة أيام، وقد يجد أحيانًا بعض الكلأ الذي يخلفه السماء بشكل متقطع. وفي النهاية، يجد السائح نفسه في واد خصب جديد، حيث يتمتع من جديد بالماء والطعام. هكذا هو حال المؤرخ الذي يسعى لفهم تاريخ الحضارة المصرية القديمة. إذ تكون المصادر الأصلية لديه محدودة وضعيفة جدًا، وغالبًا ما لا تكون متصلة ببعضها البعض. وعندما يتاح له فهم جزء صغير من عصر معين من أعماق تلك الحقبة الزمنية، يجد صعوبة في فهم النواحي الأخرى لذلك العصر. وهذا يعود إلى أن الأخبار والمعلومات عن تلك النواحي قد تلاشت تماما، أو لأن أسرارها لا تزال تكمن تحت التربة المصرية، لم يكشف عنها بعد.
Über den Autor
سليم حسن، أحد أعلام المصريين في علم الآثار، قدّم العديد من الدراسات الرائدة في هذا المجال، منها عمله الأبرز ‚موسوعة مصر القديمة‘ التي تتألف من ثمانية عشر جزءًا. حقق حسن العديد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة المحيطة بأهرامات الجيزة، ولذلك أطلق عليه لقب ‚عميد الأثريين المصريين‘. وُلد سليم حسن في عام ١٨٩٣م بقرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وبالرغم من وفاة والده وهو صغير، إلا أن والدته أصرت على تعليمه ورعايته. درس في مدرسة المعلمين العليا وتخصص في علم الآثار، ثم سافر إلى فرنسا لمتابعة دراسته وحصل على شهادات ودبلومات عديدة في مجال علم الآثار واللغات الشرقية. عاد إلى مصر وبدأ أعمال التنقيب في منطقة الهرم، حيث اكتشف العديد من المقابر والقطع الأثرية الهامة. عُين وكيلاً عاماً لمصلحة الآثار المصرية، مما جعله أول مصري يتولى هذا المنصب ويكون مسؤولاً عن كل آثار البلاد. توفي سليم حسن في عام ١٩٦١م، حيث ترك إرثاً علمياً هاماً في مجال الآثار والتاريخ المصري القديم.